سيدرك الإخوة فى جمهورية مالى - ولو بعد حين - أن الأوطان لاتحمى بالجيوش القادمة من خلف البحار، وأن عصابات القتل لايمكنها فرض الإنسجام الداخلى والسلام المهدور بفعل أخطاء الساسة ، وأن التفريط فى أهل الخبرة والحكمة والمودة والمسؤولية لصالح حليف طارىء ، أو لشعور كاذب بالقوة والإطمئنان؛ خطأ فادح وخطيئة تاريخية، ومغامرة غير محسوبة النتائج.
لقد أحسن فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى حينما رفض الإنخراط فى محور الروس وتغيير تحالفاته فى لحظة حرجة من عمر العالم ككل، وأحسن حينما رفض الزج بجيشه فى الحرب المالية 2011 تحت غطاء المنظومة الإفريقية دون غطاء دولى، وأحسن حينما رفض مشاركة الأفارقة حصارهم غير الرشيد للشعب المالى بعد انقلاب الجيش الأخير ، وأحسن حينما صبر على استفزاز حاكم غارق فى المشاكل إلى الودجين يريد أي معركة خارجية تشغل الشعب عن واقعه البائس ، وأحسن حينما رفض الدخول فى حرب بالوكالة مع ماسينا وأخواتها، وتعامل بأخلاق الكبار مع جرحى الطرفين، وأحسن حينما دفع بقواته للحدود لتأمين السكان والهاربين من جحيم الحرب على حد سواء ، ووفر للجيش من السلاح أحدثه، ومن الوسائل المالية واللوجستية مايضمن استعاب واقع متغير على الحدود الشرقية ، ومواجهة المخاطر القائمة والتعامل مع واقع لم يتوقعه أكثر المتشائمين قبل فترة.
حكمت جمهورية مالى من قبل الحينرال آسمى كويتا ، أو قائد ماسينا عمر كوفا، أو زعيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين إياد غالي، أو الإمام محمد ديكو ؛ ذلك شأن داخلى لجمهورية مالى ولشعبها القادر على حل مشاكله بنفسه أو مواجهتها على أقل تقدير ، مالم يكن فى التحول الحاصل تهديد واضح ومباشر لأمن واستقرار موريتانيا وسلامة أراضيها ، وأحدث تجارب التحول السياسى بالعالم اليوم (سوريا) تعطى رسالة واضحة عن تقديم الدول لمصالحها علي عواطف بعض الفاعلين فيها ، وربما يكون فى خطاب أحمد الشرع من الجمعية العامة بأنيويورك المتوقع بعد أشهر خير دليل ذلك التحول والواقعية التى تحكم سلوك قادة العالم خلال العقد الحالى.
ومن يقبل بأسر الماضي لسلوكه وتصرفاته دون مراجعة لتطورات الأحداث، أو التعامل المرن مع المتغيرات من حوله يظل حبيس قراراته ، غير قادر علي التحرك أو التفكير بشكل سليم.
صحفى موريتاني